الحرب التجارية، التي اشتعلت مجددًا الأسبوع الماضي عقب إعلان دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السلع الصينية، تستمر في وضع الضغط على الدولار الأمريكي. صباح الخميس، انخفض الدولار إلى مستوى 98.38، وقد لا يكون هذا هو القاع إذا استمرت حالة عدم اليقين في العلاقات الأمريكية الصينية. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن الصراع — وما يجب أن تتوقعه الأسواق بعد ذلك.
الدولار تحت الضغط: أحدث اتجاهات سوق العملات
صباح الخميس، انخفض مؤشر الدولار الأمريكي إلى 98.38 مقابل سلة من العملات الرئيسية العالمية — وهو مستوى لم يُشاهد منذ الربيع. انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة الدولار الأمريكي مقابل ست عملات رئيسية، بنسبة 0.16% خلال الـ 24 ساعة الماضية و0.33% خلال الأسبوع الماضي.
من جهته، ارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له في أسبوع، ليصل إلى 1.1664 دولار. وأظهر الين الياباني أقوى أداء ملحوظ، حيث ارتفع إلى 150.52 لكل دولار — وهو أعلى مستوى له في سبعة أيام.
الهروب الواضح من الدولار لا يُعزى فقط إلى التوقعات المتزايدة بخفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بل أيضًا إلى التوترات الجيوسياسية. المخاوف المتزايدة بشأن احتمال تصاعد الصراع بين الولايات المتحدة والصين، الذي اشتعل مجددًا الأسبوع الماضي، تلقي بثقلها على الدولار الأمريكي.
كيف بدأت الجولة الجديدة من الحرب التجارية
للتذكير: بدأ الصراع بين الولايات المتحدة والصين في وقت سابق من هذا العام، عندما فرض الجانبان حزمًا أولية من التعريفات الجمركية على الواردات وقيودًا انتقامية.
بعد عدة جولات من المفاوضات والتنازلات المتبادلة خلال الربيع، اتفقت الدولتان على هدنة تجارية لمدة 90 يومًا، تم تمديدها عدة مرات.
ومع ذلك، فإن الخطوة الأخيرة لواشنطن بفرض عقوبات تقنية ورسوم جديدة على السفن الصينية أثارت موجة جديدة من المواجهة.
وردت بكين بالمثل، معلنة عن تشديد الضوابط على تصدير المعادن الأرضية النادرة والمواد الاستراتيجية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، هناك حديث متزايد في الصين عن حواجز جديدة للشركات الغربية العاملة في البلاد.
ردًا على ذلك، حذر دونالد ترامب من أنه إذا لم تقدم الصين تنازلات، فقد تدخل تعريفات إضافية بنسبة 100% حيز التنفيذ في وقت مبكر من 1 نوفمبر. لاحقًا، خففت البيت الأبيض من نبرتها قليلاً، حيث قال المسؤولون إن الولايات المتحدة لا تزال منفتحة على الحوار ومستعدة لمناقشة سبل حل النزاع.
اجتماع ترامب-شي: الآمال والمخاوف
الأسواق والشركات الآن تعلق آمالها على الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي، وفقًا للمسؤولين الأمريكيين، قد يُعقد في وقت لاحق من هذا الشهر على هامش قمة APEC في كوريا الجنوبية.
من المتوقع أن يكون هذا الاجتماع لحظة حاسمة: يمكن أن يوقف التصعيد أو يرسخ الانقسام بين أكبر اقتصادين في العالم.
أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن واشنطن ملتزمة بالانخراط الدبلوماسي الجاد. من المقرر أن يسافر بيسنت إلى آسيا قبل القمة للقاء نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ ووضع الأساس لمناقشة القادة وجهًا لوجه. هذا المستوى من التحضير يبرز تأكيد البيت الأبيض على المفاوضات كأداة لتحقيق الاستقرار في الوضع.
ومع ذلك، تظل الأسواق حذرة: من ناحية، يوفر الاجتماع فرصة حقيقية لتمديد الهدنة الحالية وربما التراجع عن بعض القيود. من ناحية أخرى، فإن الخطاب المتزايد الحدة من كلا الجانبين يترك مجالًا ضئيلًا لتوقع أي اختراق كبير دون تنازلات كبيرة.
تهديدات جديدة وتوترات دبلوماسية
على الرغم من الآمال في المحادثات المقبلة، يستمر الصراع التجاري في التصاعد مع تهديدات جديدة. هذا الأسبوع، تفاعلت الأسواق بقوة مع تصريحات دونالد ترامب حول احتمال تقييد واردات الزيت النباتي الصيني المستخدم في إنتاج الوقود الحيوي.
قال ترامب إن مثل هذه الإجراءات تُدرس كرد فعل على رفض بكين شراء فول الصويا الأمريكي، وأن الإدارة مستعدة للتحرك بحزم لحماية المزارعين الأمريكيين.
في غضون ذلك، أشار وزير الخزانة بيسنت إلى أنه إذا استمرت الصين في تشديد الضوابط على تصدير المواد الاستراتيجية، فإن الولايات المتحدة مستعدة لتنسيق الإجراءات المضادة مع حلفائها، بما في ذلك أوروبا وكندا وأستراليا والهند ودول آسيوية أخرى.
أكد أن الأخطاء البيروقراطية في الصين لا ينبغي أن تملي شروط سلاسل التوريد العالمية، وأن أي خطوة متهورة من بكين ستقابل برد جماعي وحازم.
كما أشار بيسنت إلى سلوك بعض المسؤولين الصينيين، منتقدًا بشدة نائب وزير التجارة لي تشينغانغ لما وصفه بأنه سلوك "غير محترم" و"غير متزن" خلال زيارة في أغسطس إلى واشنطن. ووفقًا لبيسنت، فإن مثل هذه التصرفات تزيد من التوترات وتشير إلى احتمال حدوث انقطاع في العلاقات - وهو أمر يسعى العالم بوضوح إلى تجنبه.
آراء الخبراء وسيناريوهات خفض التصعيد
يتفق معظم الاقتصاديين على أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لمصير التجارة العالمية وأسواق العملات.
يعتقد خبراء من Commonwealth Bank of Australia وOCBC أن السيناريو الأكثر احتمالًا ليس صفقة تجارية شاملة، بل تمديد آخر للهدنة الحالية - حتى لو كان محدودًا بالوقت. على سبيل المثال، يرى جوزيف كابورسو احتمالًا قويًا بأن تمدد الولايات المتحدة والصين التنازلات المتبادلة لمدة 90 أو حتى 180 يومًا أخرى لتجنب المزيد من التصعيد.
في الوقت نفسه، يشير بعض المحللين إلى أن قلق السوق ينبع أساسًا من عدم اليقين الهيكلي والسلوك غير المتوقع من كلا الجانبين. قد تكون التهديدات الأخيرة بالتعريفات والسيطرة على الصادرات مجرد استعراض - وسيلة لبناء نفوذ دبلوماسي قبل القمة.
يبلغ المتداولون عن زيادة في التقلبات في الأيام الأخيرة، إلى جانب زيادة الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب والين والفرنك السويسري - مما يعكس تراجع الثقة في الدولار كعملة احتياطية عالمية.
يذهب بعض الخبراء إلى أبعد من ذلك: قد تؤدي حرب تجارية مطولة إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، وقد يكون ضعف الدولار الحالي مجرد "طلقة تحذيرية أولى" قبل تصحيح أعمق.
تشعر الأسواق بقلق خاص بشأن آليات التحكم في الصادرات الصينية. يحذر بعض الاستراتيجيين من أن التنفيذ الكامل للقواعد الجديدة قد يؤدي إلى نقص في المكونات عالية التقنية ويؤدي إلى ضغوط تضخمية في الولايات المتحدة وأوروبا.
ما التالي: المخاطر الرئيسية وتوقعات السوق
على المدى القصير، ستظل الأسواق حساسة للغاية لأي تصريحات أو تسريبات تتعلق بالمفاوضات بين الولايات المتحدة والصين.
التاريخ الرئيسي هو 10 نوفمبر، عندما من المقرر أن تنتهي المرحلة الحالية من الهدنة. إذا تمكن القادة من "تجميد" الصراع مؤقتًا على الأقل، فقد يتباطأ تراجع الدولار، وقد تبدأ المؤشرات العالمية في التعافي.
ومع ذلك، يحذر المحللون من أنه حتى في حالة خفض التصعيد، فإن التنافس الاستراتيجي بين القوتين الاقتصاديتين لن يختفي.
المستثمرون يبحثون بالفعل عن بدائل للدولار. يتدفق رأس المال إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية، وكذلك إلى الذهب. تظل الملاذات الآمنة - مثل الفرنك والين وبعض السلع - في بؤرة الاهتمام. إذا انهارت المحادثات وتم تنفيذ التعريفات المقترحة، فإن خطر الاضطرابات في العملات والتحولات الهيكلية في التجارة العالمية سيزداد فقط.
في النهاية، سيعتمد مصير الدولار في الأسابيع المقبلة بشكل أقل على المؤشرات الاقتصادية الكلية أو قرارات أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي، وأكثر على الحوار السياسي بين قادة العالم.
قد يصبح الدولار الأضعف هو القاعدة الجديدة في السوق إذا استمر الجمود الدبلوماسي. ولكن قد يؤدي التحول الحاد نحو حتى تسوية مؤقتة إلى استعادة الثقة في الدولار الأمريكي والمساعدة في استقرار الأسواق العالمية.